جريدة الوقت - مسقط - مصطفى أحمد
العلاقة مع الكتاب علاقة جد سامية وراقية، إلا انها ليست من السهولة بمكان، فرحلة البحث عنها وجمعها والتقصي عن طبعاتها الأولى، قد تستغرق عمر الانسان كاملاً.. حين تنسج خيوط علاقتك مع الكتاب تجد انها توشجت وأصبحت متشابكة مع الكثير من التزاماتك الحياتية الاخرى. ولكن عندما يتخطف هذه الكتب عارض لم تحسب له حساباً ولم تعتقد بأنك ستفقد هذا الجزء المهم من حياتك في لحظة عين لتصبح مشلولاً بالدهشة وعاجزاً بالألم.. هذا ما فعله الاعصار المداري (جونو) بعدد من المكتبات الخاصة والتي كان ينوي بضعهم تحويلها الى مكتبات عامة سعياً منهم لإتاحة الفرصة لمن يريد ان ينهل من معينها.. جرفتها المياه وعاثت فيها فساداً.. وأصبحت الكتب/ الابناء مشوهة، فيما ضاع معظمها.. في وقفة سريعة نستقصي بعض من ذهبت مكتباتهم مع (جونو):
دمر كتب أحلامي
شُبّر بن شرف الموسوي والذي غاصت جل كتبه في الطين قال: لقد كان للإعصار جونو الكثير من التأثيرات الإنسانية والأضرار المادية على كثير من جوانب الحياة الحضارية في السلطنة، ولكن البعض لم يلتفت إلى الأضرار الثقافية والفكرية، فلم يترك هذا الإعصار أي مظهر من مظاهر الحياة في عمان إلا وتعرض لها وأصابها بشيء من نفحاته وآثاره المدمرة.
ولقد أصاب فيما أصاب ودمر فيما دمر مكتبتي المتواضعة الموجودة في بيتي الكائن في ولاية السيب، ودمر الكثير من الكتب القيمة والفريدة من نوعها، والبعض من المصادر العلمية والأدبية التي كنت قد جمعتها في أسفاري المتعددة، ومنها بعض الكتب والمخطوطات العمانية والوثائق التي لا يوجد لها مثيل. ومن ضمن هذه الوثائق قصائد مكتوبة بخط الشيخ عبدالله بن علي الخليلي، وبخط الشاعر أبو سرور والشاعر الشيخ سليمان بن خلف الخروصي، وغيرهم من الشعراء العمانيين المخضرمين والمعاصرين.
كتب تاريخية فريدة
كما دمر الإعصار جونو عددا من المصادر الأدبية والكتب التاريخية الفريدة؛ ومن ضمن هذه المصادر والكتب؛ أول طبعة من ديوان أبو مسلم البهلاني (أبو ناصر بن عديم الرواحي) التي طبعت في القاهرة العام ,1957 والطبعة الأولى من كتاب تحفة الأعيان في تاريخ أهل عمان، وطبعة قديمة جدا من لسان العرب والتي طبعت في القاهرة في أوائل القرن الماضي، والطبعة الأولى من كتاب المنجد في اللغة والأعلام. وبعض الكتب الحديثة نسبيا والتي لا توجد منها نسخ متوفرة مثل كتاب إزاحة الأعيان عن لغة أهل عمان وكتاب نهضة الأعيان في تاريخ أهل عمان وكتاب العنوان في سيرة أهل عمان للشيخ سالم بن حمود السيابي.
كما دمر الإعصار الكثير من الكتب والمصادر الحديثة والتي استعنت بها في دراستي الماجستير والدكتوراه والتي اشتريتها من دول مختلفة كمصر ولبنان والسعودية وإيران. ودمر أيضا عددا من البحوث والدراسات المنشورة والمطبوعة في بعض الكتب والمجلات العمانية والعربية.
كما دمر الإعصار الكثير من المصادر الصحافية العمانية والخليجية التي تتحدث عن نشأة الأدب في عمان وبعض المقالات التي نشرت في الصحافة الخليجية عن الأدب في عمان والتي كنت أحتفظ بها منذ بداية النهضة العمانية ضمن تلك المكتبة.كما دمر الإعصار الكمبيوتر الخاص بي والذي كنت أحتفظ فيه بنسخ من بحوثي ودراساتي، ومن ضمن المواد التي تدمرت داخل الكمبيوتر ملفات رسالة الدكتوراة الجديدة والتي أحضرها حول أثر التغييرات الاجتماعية على اللغة العربية في السلطنة.
فقدت النسخ المتبقية من كتابي
وقد فقدت في هذا الإعصار النسخ المتبقية من كتابي (اتجاهات الشعر العماني المعاصر) المنشور العام 2000 والذي نفدت نسخه من الأسواق قبل فترة ولم يتبق سوى عشر نسخ سليمة، كما أن عددا من نسخ كتابي الآخر (القصة القصيرة في عمان) قد فقدت مع مياه الإعصار الذي دمر بيتي جزئيا.
وأتمنى لو توجد جهة رسمية أو شعبية تتبنى فكرة المحافظة على هذه الكتب الفريدة أو المساعدة في إعادتها إلى حالتها السابقة من أجل الانتفاع بهذه الثروة الفكرية التي تمثل نموذجا من الفكر والأدب في عمان، والتي عملت على تجميعها طيلة الفترة الماضية، والتي يصور كل كتاب منها جانبا مهما من جوانب التراث والحضارة الفكرية العمانية، وبلا شك فإن المحافظة على هذه الثروة الفكرية؛ سوف يساهم في تأمين مصادر حيوية للحياة الثقافية في عمان، وفي ربط المثقف العماني بتراثه الحضاري والفكري. وأتمنى لو تقوم دار المخطوطات في وزارة التراث والثقافة بالمساعدة في ترميم هذه الكتب ومساعدتنا في المحافظة على هذه النسخ المتبقية من هذه الكتب القيمة.
وكنت أتمنى أن تكون هذه الكتب والمصادر الفكرية بذرة طيبة لإنشاء مكتبة عامة تفتح لمختلف القراء والباحثين، وأن تكون تلك البحوث والدراسات نواة لمركز للدراسات والبحوث حول عمان، لكن الإعصار جونو لم يمهلني طويلا فقد بعثر أحلامي وشتت آمالي، ونثرها بين أدراج الرياح ودمرها في المياه المتسربة من وادي الخوض الذي ملأ بيتي بالطمي وهدم جدرانه؛ ومعه تهدمت كل أحلامي وأصابتني الحسرة والأسى والإحباط.
الكتب تبحث عن الشمس
المراجع والكتب غادرت مكانها في أرفف المكتبة وذهبت الى سطح المنزل بحثاً عن الشمس لتجفيفها.. هذا ما بادرنا به سيف بن حمد بن حميد الحارثي عند زيارتنا له وقال: 1500 كتاب معظمها ضاعت وتلفت بسبب المياه التي دخلت المنزل.
لديّ الكثير من المراجع والمصادر والكتب التي اقتنيتها من وزارة التراث والثقافة ومن معرض مسقط الدولي للكتاب ومن الكثير من الدول المجاورة وبعد ان كلفتني عمراً طويلاً وجدتها تغادرني فجأة ومن دون استئذان، فقد تلف معظمها، فأخذت ما تبقى منها الى سطح المنزل لتجفيفه والبعض الآخر الذي تضرر كثيراً تركته في المكتبة بطينه ووحله لخوفي من تمزقها عند محاولتي إخراجها.
وأضاف اتمنى ان تتكرم الجهات المعنية بمساعدتنا لترميم هذه الكتب لما لها من مكانة أدبية كبيرة، فبعضها كتب قديمة جداً اقتنيتها من عدد من كبار السن
جريدة الوقت
موفقيييييييييييييييييييييييييييييين
ردحذفحابيييييييييييييين نشوف الاخبار والمشاركات الجديدة !
ردحذفشكراً لكم ع الموضوعات المتنوعة ... موفقين :)
ردحذفالله يعينكم على المجهوووووووووووووود :)
ردحذف